المسند يوضح سبب أن طقس جدة الطف وأقل رطوبة من طقس الدمام رغم أن المدينتين ساحلية

المسند يوضح سبب أن طقس جدة الطف وأقل رطوبة من طقس الدمام
  • آخر تحديث

يثير التباين في درجات الحرارة بين مدينتي جدة والدمام تساؤلات كثيرة بين المتابعين والمهتمين بالأحوال الجوية في المملكة العربية السعودية، لا سيما وأن كلتا المدينتين تقعان على سواحل بحرية، إلا أن الفوارق المناخية بينهما واضحة في فصول السنة المختلفة.

المسند يوضح سبب أن طقس جدة الطف وأقل رطوبة من طقس الدمام

وقد قدم الدكتور عبدالله المسند، الباحث الجغرافي وأستاذ المناخ السابق بجامعة القصيم، شرح علمي مفصل حول الأسباب التي تقف وراء هذا الاختلاف اللافت.

انخفاض درجات الحرارة في جدة صيف ودفؤها شتاء

بحسب الدكتور المسند، فإن جدة عادة ما تسجّل درجات حرارة أقل من الدمام خلال فصل الصيف، في حين تكون أدفأ في الشتاء.

وهذه المفارقة تفتح الباب أمام استفسارات كثيرة، خاصة من الزائرين أو السكان الذين يلاحظون هذا التفاوت رغم التقارب الجغرافي النسبي.

البحر الأحمر مقابل الخليج العربي

من أبرز العوامل التي تفسر هذا التباين في درجات الحرارة، هو الاختلاف في الخصائص الفيزيائية للمسطحات المائية التي تطل عليها كل من المدينتين:

  • جدة تقع على البحر الأحمر، الذي يتميز بعمقه الكبير نسبيا مقارنة بالخليج العربي، هذا العمق يمكنه من امتصاص الحرارة وتخزينها ثم إطلاقها ببطء، مما يساهم في تلطيف درجات الحرارة خلال النهار وتقليل حدة البرودة ليلا، لا سيما في الشتاء.
  • أما الدمام فتطل على الخليج العربي، الذي يتمتع بمياه ضحلة نسبيا، مما يجعله أكثر عرضة لتقلبات حرارية سريعة، وبالتالي ترتفع درجات الحرارة بسرعة في الصيف وتنخفض بسرعة في الشتاء.

تأثير الرياح

لا تتوقف العوامل المؤثرة على البحر فقط، بل تلعب الرياح دور لا يستهان به في تشكيل الطقس في كل مدينة:

  • في الدمام، تتأثر الأجواء خلال فصل الصيف برياح شديدة الحرارة وجافة تعرف باسم "رياح البوارح"، التي تنبع من المناطق الصحراوية وتزيد من قساوة الجو.
  • في المقابل، تستقبل جدة نسمات بحرية لطيفة قادمة من البحر الأحمر، تسهم في ترطيب الأجواء وتخفيف درجات الحرارة، مما يمنح المدينة نسيم أكثر لطف خلال أشهر الصيف.

جبال الحجاز والعوائق التضاريسية

في فصل الشتاء، تزداد الفروقات المناخية بين المدينتين نتيجة لاختلاف التأثر بالكتل الهوائية الباردة:

  • الدمام تقع في منطقة مفتوحة، ما يجعلها أكثر عرضة للرياح الباردة القادمة من الشمال الشرقي، نظرا لغياب أي حواجز طبيعية تضعف تأثير البرودة.
  • أما جدة، فهي محاطة بسلسلة جبال الحجاز التي تشكل حاجز تضاريسي طبيعي يمنع الكتل الهوائية الباردة من التوغل إلى داخل المدينة، مما يضمن دفئ نسبي في الأجواء.

تقارب محدود في فصلي الربيع والخريف

رغم الفروقات الكبيرة في الشتاء والصيف، إلا أن درجات الحرارة بين جدة والدمام تميل إلى التقارب النسبي خلال الربيع والخريف، مع وجود فروقات طفيفة تعود إلى مرور موجات حرارية عابرة أو تغيرات قصيرة الأجل في اتجاه الرياح أو الضغط الجوي.

الرطوبة النسبية

من الملاحظ أيضا أن الرطوبة النسبية في فصل الصيف تكون أعلى في جدة مقارنة بالدمام، وهو ما يعود إلى طبيعة البحر الأحمر ونمط الرياح التي تجلب المزيد من الرطوبة إلى المدينة، بخلاف الرياح الجافة التي تؤثر على الدمام.

أوقات الزيارة المثالية لكل مدينة بحسب الطقس

وفي ضوء هذه المعطيات المناخية، قدم الدكتور المسند توصيات حول أفضل الأوقات لزيارة كل من المدينتين بناء على درجات الحرارة وراحة الطقس:

  • جدة: الفترة المثالية للزيارة تمتد من ديسمبر حتى مارس، حيث تكون الأجواء معتدلة ومناسبة للأنشطة الخارجية.
  • الدمام: الأوقات الأنسب للزيارة تمتد من نوفمبر إلى أبريل، حيث تنخفض درجات الحرارة وتخف حدة الجفاف الصحراوي.

كما أشار إلى أن شهر سبتمبر يعد الأشد رطوبة وحرارة في جدة، بينما شهر أغسطس يسجل عادة كأكثر الأشهر حرارة في الدمام.

أهمية الفهم المناخي

يبرهن هذا التفاوت في درجات الحرارة بين جدة والدمام على مدى أهمية العوامل الجغرافية والمناخية في تشكيل أحوال الطقس في كل منطقة، ويعزز من وعي السكان والزائرين عند اتخاذ قرارات السفر أو السكن بناء على الراحة الحرارية والظروف البيئية.

كما يؤكد أن الموقع الساحلي وحده لا يكفي للتشابه المناخي، بل إن العمق البحري، واتجاه الرياح، والتضاريس، والرطوبة كلها تساهم في رسم ملامح مناخ كل مدينة بشكل مستقل ومتفرد.