تقرير رسمي في السعودية يفجر مفاجأة عن عدد الاجانب الوافدين والمقيمين في المملكة ليسجل هذا الرقم لأول مرة في تاريخ السعودية

تقرير رسمي في السعودية يفجر مفاجأة عن عدد الاجانب الوافدين والمقيمين في المملكة
  • آخر تحديث

شهد سوق العمل في المملكة العربية السعودية نهاية عام 2024 تحول مهم في بنيته الديموغرافية والوظيفية. 

تقرير رسمي في السعودية يفجر مفاجأة عن عدد الاجانب الوافدين والمقيمين في المملكة

وذلك عقب إعلان المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن إحصاءات حديثة تكشف عن زيادة ملحوظة في أعداد العاملين الأجانب في القطاع الخاص، مقابل تراجع في أعداد الموظفين السعوديين.

أرقام غير مسبوقة

بحسب التقرير الرسمي الصادر عن المؤسسة، ارتفع عدد العاملين الأجانب في سوق العمل إلى 9.544 مليون موظف، ما يعادل 80.7% من إجمالي العاملين في القطاع الخاص الذي يضم ما مجموعه 11.837 مليون موظف.

في المقابل، بلغ عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص 2.293 مليون موظف فقط، بنسبة مشاركة لم تتجاوز 19.3%، وهو ما يعكس فجوة كبيرة في نسب التوطين مقارنة بعدد العاملين الوافدين.

انخفاض أعداد السعوديين رغم سياسات التوطين

اللافت في التقرير هو الإشارة إلى تراجع أعداد السعوديين في القطاع الخاص خلال العام الماضي بمقدار 63 ألف موظف، وهو ما يعد مؤشر سلبي في ظل جهود الدولة الحثيثة لتعزيز برامج التوطين، وتقليص الفجوة بين العمالة الوطنية والأجنبية.

ورغم السياسات الهادفة إلى تمكين السعوديين في مختلف القطاعات، إلا أن الواقع الإحصائي يطرح تساؤلات جادة حول فعالية هذه السياسات، وأسباب العزوف أو الإقصاء غير المباشر للكوادر الوطنية من بعض الوظائف.

نمو يومي مذهل للعمالة الأجنبية خلال نهاية 2024

أظهر التقرير أن شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2024 شهدا تسارع كبير في استقدام وتوظيف العمالة الأجنبية، حيث دخل سوق العمل نحو 238 ألف عامل أجنبي جديد، أي بمعدل نمو يقارب 4000 موظف يومي.

هذا التسارع يعبر عن تنامي الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية لتلبية متطلبات السوق، ما قد يعكس حاجة ملحة من جانب أصحاب العمل إلى مهارات أو مرونة وظيفية لا يجدونها حسب رأيهم بالقدر الكافي في القوى العاملة المحلية.

تفاوت ملحوظ بين القطاعات في معدلات التوطين

وعلى الرغم من هذا النمو في عدد الأجانب، فإن بعض القطاعات لا تزال تحتفظ بنسبة توطين عالية، مثل:

  • قطاع المال والتأمين: حيث يشكل السعوديون فيه نحو 82% من القوى العاملة.
  • بينما يمثل الأجانب في نفس القطاع نسبة لا تتجاوز 16.4%، ما يشير إلى أن بعض القطاعات أكثر جذب أو التزام بالتوطين مقارنة بغيرها.

هذا التفاوت يعكس اختلال في تطبيق سياسات التوطين من قطاع إلى آخر، ويطرح الحاجة إلى مقاربة مرنة ومبنية على خصوصية كل نشاط اقتصادي بدلًا من فرض سياسات توطين موحّدة قد لا تنجح في جميع المجالات.

التحدي المستقبلي

التقرير لا يعكس مجرد إحصاءات، بل يحمل في طياته مؤشرات استراتيجية لمستقبل سوق العمل في المملكة، ويطرح إشكالات عديدة حول كيفية إعادة التوازن بين العمالة الوطنية والأجنبية:

  • هل ستستمر المملكة في الاعتماد الكثيف على العمالة الوافدة؟
  • أم أن هناك توجه أكثر جدية في السنوات القادمة لرفع كفاءة وتأهيل المواطن السعودي ليتناسب مع متطلبات السوق؟

هذان السؤالان يشكلان لبّ النقاش في المرحلة المقبلة، خصوصا أن السوق لا يتحمل استمرار الفجوة دون حلول عملية ومستدامة.

السيناريوهات الممكنة

التحولات الحالية تضع صانع القرار أمام مفترق طرق مهم، ويمكن تلخيص السيناريوهات المتوقعة في اتجاهين رئيسيين:

  • تعزيز سياسات التوطين: من خلال رفع مستوى التدريب والتأهيل، وتحفيز أصحاب العمل على توظيف المواطنين، خاصة في القطاعات التي تتطلب مهارات فنية ومهنية.
  • الإبقاء على الوضع الحالي مع تنظيم أكبر: وذلك عبر تطوير القوانين والتشريعات التي تحكم استقدام العمالة الأجنبية، وتحسين شروط عملهم، دون تجاهل برامج توطين مرنة في بعض المجالات.

الحاجة إلى استراتيجية متكاملة

تشير المؤشرات إلى أن السنوات القادمة ستكون مفصلية في رسم شكل سوق العمل السعودي. التحدي الحقيقي لن يكون فقط في تحديد نسب التوطين، بل في إيجاد التوازن العادل بين كفاءة العمالة، واحتياجات السوق، وأهداف التنمية الوطنية.

ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من العمل على:

  • بناء منظومة تعليم وتدريب متقدمة تعد المواطن لاحتياجات سوق العمل المتغيرة.
  • تشجيع القطاع الخاص على دمج الكفاءات الوطنية عبر الحوافز والبرامج.
  • وضع معايير صارمة لاستقدام العمالة الأجنبية تضمن ألا تكون بديل سهل للكادر المحلي، بل مكمل عند الضرورة.