تصريح ناري من رئيس ارامكو تشعل أسواق النفط والغاز في العالم

تصريح ناري من رئيس ارامكو تشعل أسواق النفط والغاز في العالم
  • آخر تحديث

في عالم يزداد اضطراب وتقلب، ومع تصاعد النزاعات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، تعود مصادر الطاقة التقليدية، وعلى رأسها النفط والغاز، إلى الواجهة بقوة، باعتبارها حجر الزاوية في استقرار الاقتصاد العالمي وضمان أمن الإمدادات.

تصريح ناري من رئيس ارامكو تشعل أسواق النفط والغاز في العالم 

هذه الرؤية كانت محور الكلمة التي ألقاها أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، خلال مشاركته عن بُعد في أعمال مؤتمر آسيا للطاقة الذي انعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور.

صراعات تفضح هشاشة البدائل

توقف الناصر عند واقع عالمي يشهد تصاعد في القلق بشأن أمن الطاقة، خاصة في ضوء التوترات الحادة الناتجة عن الهجمات العسكرية، مثل الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران.

هذا النوع من الصراعات، وفقا له، يكشف بوضوح مدى تعقيد المشهد الطاقي وارتباطه الوثيق بالاستقرار الجيوسياسي، كما يعيد التذكير بأهمية وجود مصادر طاقة موثوقة وقابلة للتخزين، وهو ما تجيده مصادر الطاقة التقليدية.

فجوة بين الحلم والواقع

أشار الناصر إلى أن الطاقة المتجددة، رغم التقدم الكبير الذي أحرزته، لا تزال عاجزة عن تلبية الطلب العالمي المتزايد، سواء من حيث الحجم أو الانتشار الجغرافي أو حتى المرونة التشغيلية.

ففي الوقت الذي تسعى فيه دول العالم لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، فإن الطريق إلى تلك الأهداف محفوف بالتحديات، أهمها الحاجة إلى استثمارات هائلة قد تتجاوز 200 تريليون دولار خلال العقود المقبلة.

التكامل لا الإلغاء

وأكد الناصر أن الطاقة المتجددة ليست بديل جذري للطاقة التقليدية، بل عنصر مكمل لها، مشددا على أن التجارب العالمية أثبتت أن الانتقال الطاقي لا يتم بإقصاء المصادر القائمة، بل من خلال دمجها ضمن منظومة متعددة المصادر ومتوازنة.

أمن الطاقة الأولوية التي لا يمكن التفريط بها

استعرض الرئيس التنفيذي لأرامكو التحديات الجوهرية التي تواجه العالم اليوم في صياغة سياسات الطاقة، داعي إلى نهج أكثر واقعية يوازن بين ثلاثة محاور مركزية:

  • الاستدامة البيئية: تقليل الانبعاثات والتحول نحو مصادر أنظف.
  • أمن الإمدادات: ضمان تدفق الطاقة في جميع الظروف.
  • تكلفة الإنتاج: الحفاظ على أسعار معقولة تحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

إن تجاهل أحد هذه المحاور، حسب الناصر، يؤدي إلى اختلالات خطيرة، كما حدث في عدد من التجارب الأوروبية التي أدت إلى ارتفاع فواتير الطاقة على المواطنين، أو إلى عودة الاعتماد على الفحم كمصدر طارئ لتوليد الكهرباء.

السياسة الطاقية تحتاج مراجعة شاملة

وجه الناصر رسالة مباشرة إلى صانعي القرار حول العالم، مؤكد على ضرورة إعادة النظر في السياسات الطاقية الحالية، والتي يغلب عليها الطابع المثالي في كثير من الأحيان.

ودعا إلى تبني رؤية مرنة تراعي التنوع في المصادر، والفروقات الإقليمية، والتحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه كل دولة على حدة.

إن التمسك بسياسات انتقالية قسرية دون الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي للدول النامية، أو احتياجات السوق، قد يؤدي إلى أزمات متكررة في الإمدادات، وتقلبات حادة في الأسعار، وتهديدات للاستقرار العالمي بأكمله.

النفط والغاز مستقبل لا يزال نابض

رغم الدعوات العالمية إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، يرى الناصر أن النفط والغاز سيظلان في صلب المعادلة العالمية للطاقة لعقود قادمة.

فالصناعات الكبرى، والنقل الجوي والبحري، وإنتاج المواد الكيميائية، لا تزال تعتمد بشكل جوهري على هذه المصادر.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية مواصلة تطوير تقنيات استخلاص ومعالجة أكثر كفاءة وأقل انبعاث، بالتوازي مع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والاقتصاد الدائري للكربون.

موازنة العقل والمنفعة في إدارة التحول الطاقي

في خضم الخطابات المثالية حول الاستغناء عن النفط، جاء خطاب أمين الناصر ليطرح رؤية متزنة وعقلانية، تضع الإنسان والواقع الاقتصادي والسياسي في صلب معادلة التحول الطاقي.

إن أمن الطاقة لا يجب أن يكون ضحية للاندفاع نحو شعارات بيئية غير قابلة للتطبيق السريع، بل يجب أن يكون هدف موازي للاستدامة، تتحقق من خلال التخطيط العميق، والاستثمار الذكي، والتعاون الدولي طويل الأمد.