السعودية تبدأ تطبيق أنظمة جديدة تختصر وقت اداء مناسك العمرة ومدة الانتقال من المطاف للمسعى

أعلنت السلطات السعودية عن خطة تنفيذية لأنظمة متطورة تهدف إلى اختصار الوقت المطلوب لأداء مناسك العمرة، بحيث يمكن للمعتمر إنجاز المسار الكامل في نحو 115 دقيقة.

السعودية تبدأ تطبيق أنظمة جديدة تختصر وقت اداء مناسك العمرة

وأكدت الجهات المختصة أن هذه الأرقام محققة تجريبي خلال شهر ربيع الأول، في إطار مشروع يدمج تكنولوجيا الحركة الذكية والتنظيم المكاني لتعزيز تجربة العبد وتقليص الفترات بين المناسك بشكل كبير.

وفق ما ورد في بيانات رسمية، فإن تفاصيل الرحلة باختصارها الجديد ستكون على النحو التالي: مدة الطواف 46 دقيقة، ومدة السعي 47 دقيقة، إلى جانب 12 دقيقة من الساحات إلى المطاف، و10 دقائق من المطاف إلى المسعى.

وتجري هذه الأرقام في إطار تصميم مسارات حركية مخصصة يسير فيها المعتمر بانسيابية بين أروقة الحرم دون تعطل يذكر.

تسريع الأداء بالأنظمة الذكية والتنظيم المكاني

تعكس هذه المبادرة توجه استراتيجي في المملكة لابتكار حلول تكنولوجية تحسن أداء الشعائر وتسهل تنقل المعتمرين.

إذ تعتمد الخطة على برامج ذكية لمراقبة الكثافة الحرارية والحركية في حرم المسجد الحرام، وتوجيه حركة الزوار في الزمن الفعلي لتفادي الازدحام.

كما يستفيد المشروع من ربط أنظمة التحكم بالمداخل والمخارج مع بيانات استشعارية، ما يسمح بتوزيع المعتمرين على مسارات مختلفة بشكل سلس ومتوازن.

ولم تقتصر التجربة على التطوير التقني فحسب، بل شملت أيضًا تحسين تخطيط الساحات والممرات المؤدية إلى المطاف والمسعى، مع صيانة دائمة وتوسعة في نقاط التقاء الحركة.

وقد أكدت الجهات المعنية أن هذا النظام لا يهدف فقط إلى التيسير، بل إلى تعزيز الأمان وتقليل المخاطر المرتبطة بالتدافع.

تجارب ميدانية وتحديات تطبيقية

خلال الفترة التجريبية في ربيع الأول، تم اختبار النظام عبر نماذج محدودة من المعتمرين، حيث أظهرت النتائج قدرة عالية على الالتزام بالزمن المحدد بدقة. وذكر المختصون أن هذه التجارب تهدف أيضًا إلى ضبط أداء الأنظمة في ظروف الذروة ومع مواسم العمرة الكبرى.

إلا أن تنفيذ هذه الأنظمة على نطاق واسع يواجه تحديات لوجستية وتنظيمية، منها:

• التكامل مع المواقيت الشرعية: حيث تعتمد بداية ونهاية المناسك على رؤية هلال شوال، ما قد يفرض تعديل في توقيت الانتقال بين المناسك بناء على إعلان الرؤية.
• التدفق المتزامن في مواسم الذروة: في الأشهر التي تشهد أعداد عالية من المعتمرين، قد تتعزز الضغوط على الأنظمة الحركية والتوجيهية.
• تنسيق مع الجهات الأمنية والصحية: يجب أن تتكامل العمل في هذا النظام مع القيادات الأمنية والإسعافية لتفادي أي اختناق أو طارئ ضمن الحشود.
• تدريب الكوادر البشرية: خاصة العاملين في توجيه الحشود ودعم المعتمرين، ليكونوا على دراية بكيفية التعامل مع أي تجاوز أو تأخير محتمل.

ورغم هذه التحديات، فإن نجاح التجارب المبدئية يعطي إشارات إلى أن المشروع قابل للتوسع والتحسين، شريطة استمرار المتابعة والتطوير المستمر.

إذا ما تبنى المشروع على نطاق موسع، فمن المتوقع أن تستفيد الممكلة من عدة مزايا:

• تخفيف الإرهاق الزمني: في ظل ضغط الزمن والتحركات ضمن الحرم، فإن اختصار الفواصل بين المناسك يخفف من المشقة ويزيد من الارتياح للمستفيدين.
• تحسين الأمان والتنظيم: بفضل التوجيه الذكي وحركة منظمة، تقل احتمالات الزحام المفاجئ أو الحوادث المرتبطة بالتدافع.
• جذب المعتمرين: لأن تجربة أكثر سلاسة وأقل زمن قد تجعل من أداء العمرة خيار أكثر جاذبية، خاصة للزوار من خارج السعودية أو ممن لديهم التزامات زمنية.
• رفع كفاءة التشغيل: مع التنبؤ بالحركة وتنسيق المسارات، يمكن للجهات التنظيمية استغلال الطاقة الاستيعابية بكفاءة أعلى، وتوجيه الأعداد إلى الأوقات والممرات المثلى.
• تعزيز الصورة المؤسسية: إنجاز مشروع بهذا النوع يعكس طموح السعودية في توظيف التكنولوجيا في الشؤون الدينية، بما يتماشى مع رؤيتها المستقبلية.

من المرجح أن تطلق وزارة الحج والعمرة السعودية تدابير مرحلية لتوسيع نطاق التجربة إلى أعداد أكبر في المواسم القادمة، مع رصد الأداء وضبط المتغيرات.

كما تنتظر تناغم أكبر بين الجهات المعنية في الحرم المكي، بما في ذلك أمانة الحرم والجهات الأمنية والصحية والبلدية، لضمان تنفيذ متكامل يراعي سلامة المعتمرين وراحتهم.

وفي هذا السياق، يتوقع أن تعد إصدارات دورية من تقارير الأداء والاحصائيات التي ترصد مدى نجاح المشروع الأعوام المقبلة، مع إشراك الخبراء في الدراسات البحثية الشرعية واللوجستية لتحسين الأداء بشكل سنوي.

ولئن تبقى الرؤية الفلكية الشرعية عامل ضبط نهائي في توقيت بداية ونهاية مناسك العمرة، فإن هذه الأنظمة تضع المملكة على أبواب مرحلة جديدة في الارتقاء بخدمات الحرمين الشريفين، لتصبح العمرة تجربة أسرع وأكثر تنظيم، دون أن تفقد جوهرها الروحي والمعنوي.

المصادر

• وزارة الحج والعمرة السعودية — الموقع الرسمي
– التقرير السنوي رؤية المملكة 2030
– إنجازات رؤية المملكة 2030
– معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة